الرياض، عرب اليوم – بعد قرار إدراج تعليم اللغة الصينية في مناهج التعليم دعا د. يحيى بن جنيد مدير مركز البحوث والتواصل المعرفي إلى حلقة نقاش في مقر المركز بعنوان: «تعليم اللغة الصينية في المملكة العربية السعودية ورؤية 2030»، حضرها معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السابق ورئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية السابق الدكتور محمد بن إبراهيم السويل وسفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة لي هوا شين وعضو مجلس الشورى الدكتور إبراهيم النحاس ومجموعة من الباحثين والإعلاميين والمتخصصين في اللغة والثقافة الصينية.
افتتحت حلقة النقاش بكلمة ترحيبية من رئيس مركز البحوث والتواصل المعرفي الدكتور يحيى محمود بن جنيد لجميع الحضور، وألقى الضوء على القرار التعليمي التاريخي بإدراج اللغة الصينية ضمن مناهج التعليم العام في السعودية.
ثم تحدث رئيس وحدة جنوب شرق آسيا بالمركز أستاذ اللغة العربية في جامعة الملك سعود الدكتور علي المعيوف عن ردة الفعل لدى المؤسسات التعليمية بالمملكة تجاه القرار، وسلط الضوء على إيجابية تعددية لغات التعلم في المؤسسة التعليمية السعودية، وأن ذلك يثري مخرجات التعليم.
وأشاد الدكتور المعيوف في كلمته بإعلان إطلاق جائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بين المملكة والصين الذي رافق قرار تدريس اللغة الصينية في المملكة، واصفاً الجائزة بالخطوة المهمة جداً.
د. السويل: فارق كبير بين زيارتين للصين
وتحدث الدكتور محمد السويل عن تجربته في تعلم اللغة الصينية، مشيراً إلى أنه بدأ تعلمها بعد أن بلغ الستين من العمر، وأن السبب الرئيسي في تعلمه لهذه اللغة هو بعد أن لاحظ الفارق الحضاري الكبير الذي وجده بين زيارته إلى الصين عام 1996م وزيارته الثانية عام 2005م ما جعله يشعر بعظم احترامه للشعب الصيني وتجربته الرائدة في التقدم.
وذكر د. السويل بعضاً من القصص التي أثبتت لديه لطافة الشعب الصيني ومساعدته للأجنبي الذي يتعلم لغته، ومن القصص التي أوردها أنه كان في زيارة لسنغافورة يشتري أحجاراً كريمة من أحد المحال، وكانت البائعة العجوز متجهمة لا تبتسم ولا تخصم لي شيئاً، حتى نطقت بلغتها قائلاً: إنه مرتفع الثمن، فأخذتني فجأة إلى بضاعة متنوعة أكثر وقدمت لي الشاي الأخضر وخفضت لي كثيراً من السعر، وبعد ذلك ذهبت إلى أقرب مكتبة واشتريت كتباً لتعلم اللغة الصينية بعد أن وجدت ذلك مربحاً ومفيداً.
ونصح السويل من يريد تعلم اللغة الصينية بأن لا يلتفت إلى الكتابة وصعوبتها في البداية ويهتم بالقراءة والتحدث أكثر، وأشار إلى أن الصينيين يتقبلون أخطاء من يتحدث لغتهم بعكس الفرنسيين – مثلاً – الذين لا يتقبلون من يخطئ ويصدون عنه.
وفي زيارتي للصين دخلت إحدى المكتبات وقلت لمديرة المكتبة أريد أن أتعلم لغتكم؛ فرشحت لي قرصاً مدمجاً ولكني كنت بحاجة إلى المساعدة، وعند عودتي للرياض تواصلت مع السفارة الصينية فقيل لي: إن حكومتكم لا تسمح بفتح مدارس لتعليم اللغة الصينية، فاهتديت بطريقتي إلى أحد الأشخاص الصينيين الذي كان يعمل في وكالة الأنباء الصينية وفاتحته بأمر رغبتي في تعلم اللغة؛ فتعهد وزوجته بذلك مشترطاً ألا يقل عدد الطلبة عن أربعة أشخاص، فشاركت أنا واثنتان من بناتي وفاتحت زميلاً بالأمر متعهداً بأن أدفع عنه رسوم الدراسة، وبدأت الدراسة ولكن انشغالي في العمل الرسمي حال دون انتظامي. بعد سنة ونصف غادر الموظف الصيني وزوجته بلادنا، وكانت فرصة لزوجته عبر بناتي أن تتعرف على المجتمع النسائي السعودي، ولكني واصلت جهدي للتعلم الذاتي، فكانت شبكة الإنترنت خير معين لي للتعلم إلى جانب تطبيقات على الجهاز المحمول، وكان أيضاً هناك زملاء صينيون في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، فكانت فرصة لي للتحدث معهم دون خوف، واستفدت كثيراً من كتب تعليم اللغة الصينية على الإنترنت لأنها تساعد كثيراً على النطق، وأنا ما زلت مبتدئاً في اللغة الصينية.
السفير الصيني:
اللغة العربية في أكثر من 60 جامعة صينية
من جانبه تحدث السفير الصيني لدى المملكة قائلاً: إن الصين ترى المملكة الشريك الأول في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وأن الصين تفخر بأن تكون لغتها من ضمن مناهج التعليم في المملكة، مؤكداً أن اللغة العربية في المقابل تدرس في أكثر من 60 جامعة في الصين، وذلك عبر أقسام اللغة العربية المتخصصة وأن التحدث بلغة واحدة بين البلدين سواء الصينية أو العربية يزيد من التفاهم ويعمقه ويرفع من مستويات التعاون الثقافي والعلمي.
وأضاف السفير الصيني: أن تطور العلاقات بين المملكة والصين يقتضي أكثر فأكثر وجود من يتحدث اللغتين العربية والصينية. وذكر أن الصين تهتم منذ الخمسينيات الميلادية بتعليم اللغة العربية وأنه توجد إذاعة صينية رسمية ناطقة باللغة العربية، ويقول: أتذكر عندما كنا نتعلم اللغة العربية لم يكن يوجد تلفاز أو صحف أو مواقع إلكترونية لتعليمها وكان ذلك في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، وكنا نستمع إلى راديو بكين باللغة العربية إضافة إلى الدروس في الجامعة، وأحياناً كنا نستمع إلى إذاعة القاهرة لكنها كانت ضعيفة جداً بسبب بُعد المسافة ولا نستطيع استقبال الإرسال إلا في الليل، حيث يصبح التقاط الموجة أسهل. ولاحقاً ظهرت في الصين قناة تلفزيونية خاصة باللغة العربية وموقع إلكتروني وعدة مجلات صينية كلها ناطقة بالعربية وفيها برامج لتعليم اللغة الصينية للناطقين بالعربية، ويضيف السفير: كنا نذهب إلى السفارات العربية في بكين لنأخذ الصحف العربية التي تركها السفراء، وكنا نحصل على كتب عربية في مكتبة الجامعة ولكنها نادرة.
وأشار السفير الصيني إلى حادثة وقعت في مطلع الخمسينيات حين زار أحد حكام اليمن بلاده الصين واستعانوا بأستاذ جامعي للترجمة بين الرئيس الصيني وضيفه ولم يستطع القيام بدوره بشكل جيد، ما أثار غضب الضيف، فقرر رئيس الوزراء الصيني وقتها ابتعاث مجموعة من الطلاب الصينيين إلى مصر لدراسة اللغة العربية.
وختم السفير الصيني مداخلته متمنياً أن تسهم الصين في صناعة المناهج التعليمية الخاصة بتدريس اللغة الصينية في المملكة.
د. النحاس: قرار ليس مفاجئاً!
وتحدث من جانبه عضو مجلس الشورى الدكتور إبراهيم النحاس قائلاً: إن أحد ملامح رؤية 2030 الانفتاح الثقافي والاقتصادي والعلمي على دول العالم وشعوبه، وقرار تعليم اللغة الصينية في المملكة لم يكن مفاجئاً للنخب السياسية ولا للشارع السعودي الباحث عن نموذج متحضر كالصين، حيث جاء القرار في سياق البرامج الحديثة التي تطلقها الدولة، مؤكداً أن ردة الفعل الجماهيرية والشعبية الإيجابية تعكس توافق المجتمع السعودي مع هذا القرار ومع توجهات قيادته وطموحاته.
كما أشار د. إبراهيم في مداخلته إلى الرؤية الصينية الثاقبة والمبكرة للاهتمام باللغة العربية منذ الخمسينيات، وقال: إن ما يميز الصين أنها لا تفرض توجهها الثقافي على الشريك مثل ما تفعل الدول الأوروبية.
أدار الندوة د. يحيى بن جنيد مدير المركز، وقد حضرها وشارك بها عدد من باحثي المركز والطلبة الذين سبق لهم أن درسوا في جمهورية الصين.
——-
العدد الأول من اليمامة هدية للسفير الصيني
في التقاليد الصينية الراسخة أن تُقدم إلى ضيفك هدية ذات دلالة ومغزى في أول لقاء تعارف، وقد اختار زميلنا المشرف على التحرير عبدالله الصيخان أن يتبع التقاليد الصينية فقام بإهداء نسخة من العدد الأول لمجلة اليمامة للسفير الصيني لي هوا شين قائلاً له: هذا قائدنا فيصل بن عبدالعزيز – رحمه الله – الذي ناضل طويلاً من أجل قضية فلسطين وهي القضية الأولى لنا، ونتمنى أن تسهم الصين الصديقة في صنع سلام دائم على ضوء مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله – للسلام.
الجدير بالذكر أن السفير الصيني يستعد لمغادرة المملكة نهاية شهر مارس بعد انتهاء فترة عمله التي امتدت لعدة سنوات.
المصدر: صحيفة اليمامة